المصدر / القاهرة- سمرمنصور

مصر

الأقصر – السبت 4 أكتوبر 2025
شهدت مدينة الأقصر حدثًا أثريًا عالميًا بافتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث في وادي الملوك، بعد الانتهاء من مشروع ترميم شامل استمر لسنوات طويلة بمشاركة بعثات دولية وخبراء مصريين، ليعود أحد أعظم ملوك مصر القديمة إلى الواجهة من جديد، وليتجدد بريق السياحة الثقافية في مصر أمام أنظار العالم.

افتتاح عالمي ورسالة أثرية

أكدت وزارة السياحة والآثار المصرية أن افتتاح المقبرة تم بحضور مسؤولين مصريين وممثلين عن منظمات دولية، من بينها اليونسكو والبعثات القادمة من اليابان وإيطاليا.
وقال شريف فتحي وزير السياحة والآثار في كلمته: افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث يمثل رسالة قوية للعالم بأن مصر قادرة على حماية وصيانة تراثها الفرعوني الفريد، وأن الأقصر ستظل أكبر متحف مفتوح في العالم.

الافتتاح جذب أنظار وسائل الإعلام العالمية، حيث غطت الحدث وكالات كبرى مثل رويترز وبي بي سي ووكالة أنباء شينخوا الصينية، وهو ما يعكس الأهمية الاستثنائية لهذا الإنجاز التاريخي.

الملك أمنحتب الثالث.. الفرعون الذهبي

يُعرف الملك أمنحتب الثالث، الذي حكم مصر بين ١٣٩٠ و١٣٥٢ قبل الميلاد، بلقب الفرعون الذهبي، إذ شهد عصره ازدهارًا اقتصاديًا وفنيًا ومعماريًا غير مسبوق.

وهو جد الملك توت عنخ آمون، أشهر فراعنة مصر القديمة.
عُرف أمنحتب الثالث بتشييد معابد ضخمة مثل معبد الأقصر ومعبد ملايين السنين، الذي لم يتبقَّ منه سوى تمثالي ممنون الشهيران.

كما تزوج من الملكة تيي، التي عُرفت بقوتها السياسية ونفوذها الكبير، لتصبح واحدة من أبرز ملكات مصر القديمة.

أهمية المقبرة ومحتوياتها

تقع مقبرة الملك أمنحتب الثالث في الوادي الغربي بوادي الملوك، أحد أهم المواقع الأثرية المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1979.
وتضم المقبرة تابوتًا ضخمًا من الجرانيت الأحمر تمت إعادة تجميعه وترميمه بعناية فائقة.

كما تحتوي على جدران مزينة بنقوش دينية من كتاب الآخرة ورسوم جنائزية نادرة تمثل الطقوس والمعتقدات المصرية القديمة حول رحلة الروح إلى العالم الآخر.

خلال أعمال الترميم، تم توثيق أكثر من ١٠٠٠ نقش ورسم جداري باستخدام أحدث التقنيات الرقمية، بما يتيح للأجيال القادمة من الباحثين دراسة المقبرة بتفاصيل غير مسبوقة.

مشروع الترميم والتعاون الدولي

شارك في المشروع خبراء من اليابان لتقديم تقنيات متطورة في الترميم الدقيق والحفاظ على الألوان الأصلية للنقوش، فيما ساهمت إيطاليا في عمليات الصيانة والتوثيق العلمي.

أما اليونسكو فقد أشرفت على ضمان التزام المشروع بالمعايير الدولية الخاصة بالحفاظ على التراث الإنساني.

كما أعلن شريف فتحي وزير السياحة والآثار عن إطلاق جولات افتراضية ثلاثية الأبعاد (3D) لزيارة المقبرة عبر الإنترنت، ما يتيح لعشاق التاريخ والآثار حول العالم فرصة نادرة لاكتشاف أسرار الفرعون الذهبي من أي مكان.

الأبعاد السياحية والاقتصادية

من المتوقع أن يُحدث افتتاح المقبرة طفرة في السياحة الثقافية داخل مدينة الأقصر، التي تُعرف عالميًا بلقب أكبر متحف مفتوح في العالم.
وتسعى مصر إلى رفع عدد السياح إلى أكثر من 20 مليون سائح سنويًا بحلول عام 2030، ويمثل إدراج المقبرة ضمن برامج الزيارة الجديدة إضافة قوية لتحقيق هذا الهدف.

كما بدأت شركات السياحة بالفعل في إدراج المقبرة ضمن برامج رحلات الشتاء 2025 – 2026، مع توقعات بأن تصبح واحدة من أكثر المزارات جذبًا للزوار خلال موسم رأس السنة والمواسم السياحية المقبلة.

تصريحات الخبراء

قال أحد خبراء الآثار المصريين: المقبرة ليست مجرد موقع دفن ملكي، بل هي متحف حي يجسد عبقرية الفن المصري القديم في أزهى عصوره.
وأكد خبير سياحي أن افتتاح المقبرة خطوة ستعيد للأقصر مكانتها كواحدة من أهم الوجهات السياحية الثقافية في العالم، بما يدعم الاقتصاد المصري ويعزز مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية.

نصائح للزوار وأهم المعالم القريبة

زيارة مقبرة الملك أمنحتب الثالث تتيح للسائحين فرصة فريدة لاكتشاف أسرار الحضارة المصرية القديمة، لكن التجربة لا تكتمل دون المرور على أهم المعالم القريبة منها:

• وادي الملوك: يضم مقابر ملكية شهيرة مثل مقبرة توت عنخ آمون ومقبرة رمسيس السادس.
• معبد الملكة حتشبسوت بالدير البحري: تحفة معمارية فريدة محفورة في الجبل.
• تمثالا ممنون: البقايا العملاقة لمعبد ملايين السنين الخاص بالملك أمنحتب الثالث.
• معبد الكرنك: أكبر مجمع ديني في العالم القديم، حيث الأعمدة الضخمة والصروح المهيبة.
• معبد الأقصر: الذي يضيء ليلًا بأجواء ساحرة ويكشف روعة الفن المعماري المصري القديم.

وتوفر وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع الشركات السياحية جولات ميدانية وجولات افتراضية تفاعلية، ما يتيح للزائرين من جميع أنحاء العالم الاستمتاع بتجربة استثنائية تجمع بين الأصالة والتكنولوجيا الحديثة.

 بهذا الافتتاح التاريخي، تعلن مصر عن فصل جديد في مسيرة حماية وصيانة تراثها العظيم، وتعيد إحياء أسطورة الفرعون الذهبي أمنحتب الثالث، ليبقى وادي الملوك في الأقصر شاهدًا حيًا على عظمة الحضارة المصرية القديمة، ووجهة سياحية لا مثيل لها على مستوى العالم.